الخميس، مارس 15، 2012

الثنائيات العضوية- مصدر جديد للضوء

ورق الجدران المتوهج وشاشات العرض القابلة للطي والنوافذ الزجاجية القادرة على إنتاج التيار الكهربائي.. كل هذا سيكون في متناول اليد، بفضل صمامات الضوء الثنائية العضوية(OLED) . مدينة دريسدن الألمانية تحتضن الباحثين الذين يقفون وراء هذه الثورة.


ضوء المستقبل يتوهج بالفعل في مختبر البروفيسور كارل ليو في دريسدن وهو عبارة عن لوح مسطح مربع الأضلاع. وعلى طاولة المكتب الخاصة برئيس معهد فراونهوفر للأنظمة الضوئية الدقيقة(IPMS)، يوجد صمام الضوء الثنائي العضوي (OLED). وهو مكون من طبقات رقيقة من أشباه الموصلات العضوية التي يتم طلاؤها على الزجاج ورقائق المعدن أو البلاستيك لينبعث منها الضوء، وهي قادرة على إضاءة مساحات واسعة.
وهكذا تمثل مصابيح OLED ثورة في عالم الضوء، إذ إن الأجيال التي سبقتها ابتداء من المصباح الكهربائي العادي ومرورا بتلك الموفرة للطاقة وانتهاء بالصمام الضوئي LED، قادرة فقط على إضاءة مساحة محدودة، أو تشوبها بعض السلبيات مثل إهدار قدر كبير من الطاقة، عبر تحويلها إلى حرارة لا يتم الاستفادة منها. وعلى العكس من ذلك فإن الإضاءة بواسطة صمامات الضوء الثنائية العضوية OLED، تتميز بفعالية كبيرة. وهي تتفوق بذلك حتى على الأنابيب المضيئة التي تتمتع حاليا بالريادة في السوق. كما أنها تتمتع أيضا بمرونة كبيرة، إذ يمكن استخدامها على أسطح مرنة وقابلة للطي، مما يجعلها تكتسب جاذبية خاصة بالنسبة للمصممين والمهندسين المعماريين.
إن الأفكار التي كانت تعتبر حتى الآن ضربا من الخيال، أصبحت ممكنة التحقيق بفضل OLED التي يعكف الباحثون في دريسدن على تطويرها. ويمكن مستقبلا أن يأتي  الضوء في غرفة المعيشة من ورق الجدران المضيء، أو من زجاج النوافذ المزودة بصمامات الضوء الثنائية العضوية. كما من الممكن أن تصبح شاشة الكمبيوتر مرنة بحيث يمكن طيها، وكذلك من الممكن أن تحل الأوراق الإلكترونية في المستقبل مكان الورق العادي كما هو مستخدم اليوم.
نوافذ تضئ وتنتج الكهرباء
وقد ركز فريق عمل على عكس المبدأ الذي تعمل عليه صمامات الضوء الثنائية العضوية OLED، أي توليد الكهرباء بواسطة الخلية الشمسية المصنوعة من مواد عضوية مضيئة. ولهذا الغرض يتم استبدال طبقة OLED المشعة بطبقة قادرة على امتصاص الضوء. وعبر هذه التقنية، ستكون النوافذ في المستقبل قادرة على إنتاج الكهرباء.
ومنذ عام 2008 دخلت الأبحاث التي يجريها العلماء في دريسدن، مرحلة تبلور الأفكار في شكل خطوات عملية، حيث تم تأسيس المركز الأكثر تطورا في أوروبا لأبحاث أشباه الموصلات العضوية، وذلك تحت مظلة COMEDD “Center for Organic Materials and Electronic Devices Dresden”. وفي عام 2000 كانت بداية العمل فعليا في دريسدن في مجال أبحاث صمامات الضوء الثنائية العضوية OLED. أما القاعة الرئيسية في للمعهد فتبلغ مساحتها 900 متر مربع، وقد أنشئت لتكون بمثابة محطة إنتاج تجريبية.

مسحوق يتحول إلى ضوء
في عملية معقدة يتم طلاء الطبقات العضوية الباعثة للضوء بشكل تدريجي على المعادن أو الزجاج أو الرقائق. وفي البداية يتكون ما يشبه المسحوق، مكون من جزيئات الكربون التي تتكدس بدورها على شكل طبقات منفصلة في شكل يمكن مقارنته بشطائر الخبز ( أو الساندويتش). وتنتقل الإلكترونات عبر أشباه الموصلات وتتحول طاقة من الإلكترونات إلى ضوء. ولحماية هذا الضوء من الماء والهواء والغبار، يتم إغلاق كل شيء بغطاء، وهذا ما يسمى بعملية التغليف.
وبالرغم من كل الانجازات والنجاحات إلا أن الطريق لا يزال طويلا أمام الباحثين في دريسدن،  إذ إن إضاءة منطقة واسعة تكلف الكثير من المال. لذلك يشجع كارل ليو العاملين معه في المقام الأول على تحسين عمليات التصنيع، وكما يقول كارل ليو ” نسعى على المدى الطويل إلى تخفيض السعر من 100 يورو للمتر المربع الواحد، إلى النصف أي إلى 50 يورو.” ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن تتحول مراكز الإنتاج التجريبي إلى مرافق للإنتاج التجاري بكميات كبيرة.
لقد اكتسب المعهد في دريسدن سمعة دولية طيبة خلال السنوات الأخيرة، وساهم في هذا النجاح الذي حققه المعهد، بالإضافة إلى براءات الاختراع التي سجلها. إن الابتكارات التي تم تحقيقها أدت بدورها إلى حسين ورفع نوعية الضوء المكتسب بواسطة صمام الضوء الثنائي العضوي OLED، إذ تبين عبر التعطيل المقصود للبنية البلورية الداخلية المكونة من أشباه الموصلات العضوية، يساهم في رفع القدرة المتاحة لتوصيل الضوء ويساهم بالتالي في زيادة كمية الضوء. إن نقل الأفكار القابلة للتطبيق للشركات المبتدئة لا يعتبر أمرا نادرا، حيث ساهم المعهد لسبع مرات في تزويد تلك الشركات بالأفكار. ومنذ عام 2003 تعمل شركة ” نوفالد Novaled”، على تزويد الشركات العاملة في قطاع صناعة الإضاءة في جميع أنحاء العالم، بالدراية الفنية والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج الضوء بواسطة صمامات الضوء الثنائية العضوية OLED.
أما الفرع الآخر للشركة Heliatek والذي تأسس في عام 2006، فقد بدأ في بناء منشأة خاصة لإنتاج الخلايا الشمسية العضوية. ويعتبر مدير المعهد البروفيسور كارل ليو العقل المدبر الذي وقف وراء تأسيس الشركتين، وهو لا يطمح إلى أن يجني في نهاية مشواره العلمي النجاح التقني لصمامات الضوء الثنائية العضوية فحسب، وإنما النجاح الاقتصادي كذلك

المصدر : DW-TV

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق